رفح تباد
النهار والليل سيان عندي، الضحك الساذج والبكاء الحار يشبهان بعضهما أيضاً، لا جديد، أكتب سطراً على اللابتوب ثم تلكزني صرخة مكبوتة في رفح، على غرار " يا سارية الجبل"، فأسقط في الوهم وأسيح هناك، أقلب صفحات من رواية مسلية لا أعرف ماذا تقول، أشرد مع السطر الرابع ثم أرميها بعيداً، أتابع الأخبار فيبتسم في داخلي جندي قديم صنعته من الخشب أثناء حرب الخليج الثانية. يفرد الجندي ذراعيه بأسلحته القديمة المضحكة ويندفع وكأنه يريد أن يمزق أشلائي كي يخرج ويدحر العدو. ثم يحترق بداخلي ببطء وهو يشاهد التلفاز و آخر صرعات الحقيقة، ينكمش مثل سلة مفاتيح منسية، ويطلب مني سجارة وكوب شاي حار؛ لكني لا أدخن!
- افعلي ما تؤمرين أنا جندي ملدوغ في كبريائه!
أتذكر سذاجتي وغضبي القديم وقصائدي وأنا في عامي الثالثة عشر، أحلم بتحرير القدس، وأخطط كيف سأصبح من ضمن الضفادع البشرية على غرار أفلام نادية الجندي، حتى تعلمت السباحة مبكراً عن قصد، وتدربت على الرماية وكأني “تومب رايدر”
فقد كانت طفولتي محشورة بالقضايا الوطنية التي نالت مني بالكامل حينما كبرت. ها أنا الان أتسلى بالأرق مثل أي امرأة تضع صحن الفاكهة أمامها وليس بإمكانها إشاحة نظرها عن أخبار كل التاريخ الذي تعرفه وهو يتآكل من أمامها. وها هي ترتكب مع كل أبناء وبنات جيلها أكبر عملية عجز بالتاريخ .
إنَ ما يحدث يريد أن يقول لنا شيئاً واحداً فقط
في هذه القصة برمتها "كنتم أنتم الدمى التي ظنت بأنها تلعب " ونسيتم أن اللعب بالذات يحتاج دائماً إلى “الحركة” .
نحن نتحرك أيضاً يا هذا؛ شاهدنا ونحن نرقص جميعنا رقصة العجز الأخيرة.
إنها متعة الاستسلام لحقيقة أنكَ مجرد دمية بلا حراك تسكن عالم فسيح من الدمى اللا نهائية.
تغضب وتكتب وتشتم وتصلي ثم تعود لتتسلى بالأرق الذي لا مفر منه .
#رفح_تباد
#رفح