الفعل الأسوء على الإطلاق
في أغلب السرديات الدينية والثقافية للشعوب؛ كانت الجريمة هي أول “فعل إنساني” يقدم عليه الإنسان، في قصة قابيل وهابيل. إذ إن إقصاء الآخر من خلال إنهاء حياته هي واحدة من البنى الجوهرية للتركيبة النفسية والجينية للإنسان. التشريعات ومن خلال التقدم في الحضارة حملت هذا “الفعل” محمولات ثقافية أدت إلى تصنيفه على أنه الفعل الأسوء على الإطلاق. الآن نحن بمجتمعاتنا التي من الواضح أنها في طريقها إلى العودة نحو البدائية؛ عادت لتزيل كل الأحكام عن هذا الفعل البربري، ليس من خلال “تبريره” فقط، بل من خلال ما يشبه الطقوس الاحتفائية بهذا الفعل، عن طريق التهليل والترحيب به والتي تنتمي إلى الممارسات الوثنية الأولى في القبائل البدائية. وهذا ينطبق على المجتمع الغربي أيضاً؛ والتي كشفت أحداث غزة عن قدرته على مباركة أي جريمة من شأنها أن تطمئن اهتزازاته الوجودية، حتى لو مارست هذه المجتمعات على العلن أشد التناقضات المخزية بين تنظيراتهم الأخلاقية ودعم أكبر مجزرة علنية حدثت في تاريخنا المعاصر. إنه الإنسان الأحدث على الإطلاق يا سادة.